الدستور والقانون

الضمانة القضائية في توازن العلاقة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم

د. أسامة الشبيب
مقدمة
لقد انتهينا في القسم الأول من الضمانة الدستورية وهي إحدى الضمانات الأساسية لحفظ توازن العلاقة في النظام الفدرالي بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، وذكرنا أهمية وجود دستور مدون يتسم بالجمود النسبي والسموّ والعلو لا سيما تلك النصوص الدّستوريَّة المتعلِّقة بتنظيم العلاقة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، على نحو ما سلف شرحه. وسنتناول في هذا القسم الضمانة الأخرى وهي الضمانة القضائية، ودور القضاء الدستوري في ممارسة دوره الضامن بالرقابة على دستوريَّة القوانين وتفسير الدستور والفصل في المنازعات، وهذا الدور للقضاء أمرٌ حتميٌّ في النُظُم الفدرالية، وذلك لتعزيز العلاقات الفدرالية وتكريس الضمانات التي تكفل موضوع التوازن الّذي أقيمت عليه الصِّلة بين الحكومة الاتحادية وبين الأقاليم.
لذلك نرى أن الضمانة القضائية تُعدُّ من أهم الضمانات التي تحفظ توازن العلاقة الدستورية، إن الضرورة تستدعي وجود جهة قضائية عليا، تحفظ التزام كلّ مستوى من مستويات الحكم بحدوده الدّستوريَّة، وتردّ اعتداءه على اختصاصات المستوى الآخر.
وكون القضاء أو الجهة القضائية إحدى الضمانات الفاعلة لحفظ هذا التوازن الفدرالي وصيانته، فإن ذلك يعود لأسباب عديدة أهمها؛ الاستقلال والحياديَّة اللتان تتمتَّع بهما السلطة القضائية في النُظُم الفدراليَّة، فإن القضاء -وهذا ما يفترض- ليس أداةً بيد الحكومة الفدراليَّة أو إحدى مؤسَّساتها أو خاضعاً لتأثير طرف في الحكومة الاتحادية أو الأقاليم؛ بل يمثل هيئة دستوريَّة مستقلَّة عن كلّ من الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم، ويمارس دوره من خلال أداء الوظائف الموكلة له دستورياً وقانونياً. ومن أجل قيام القضاء الدستوري بمهامه، تنص معظم الدساتير الاتِّحادية على مبادئ عامة تهدف إلى ضمان استقلالية السلطة القضائية عن أيّ تأثير من السلطات الأخرى في الدولة، بما يضمن موقعها المركزي والحساس في الحياة السياسية والاجتماعية والقانونية.

لقراءة المزيد اضغط هنا

وسوم
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق